الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية (نسخة منقحة)
.فصلٌ فِي الْقِرَاءَةِ: قَالَ: (وَيَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي الْفَجْرِ وَفِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ إنْ كَانَ إمَامًا، وَيُخْفِي فِي الْأُخْرَيَيْنِ) هَذَا هُوَ الْمَأْثُورُ الْمُتَوَارَثُ (وَإِنْ كَانَ مُنْفَرِدًا فَهُوَ مُخَيَّرٌ: إنْ شَاءَ جَهَرَ وَأَسْمَعَ نَفْسَهُ) لِأَنَّهُ إمَامٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ (وَإِنْ شَاءَ خَافَتَ) لِأَنَّهُ لَيْسَ خَلْفَهُ مَنْ يَسْمَعُهُ، وَالْأَصْلُ هُوَ الْجَهْرُ، لِيَكُونَ الْأَدَاءُ عَلَى هَيْئَةِ الْجَمَاعَةِ (وَيُخْفِيهَا الْإِمَامُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَإِنْ كَانَ بِعَرَفَةَ) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «صَلَاةُ النَّهَارِ عَجْمَاءُ» أَيْ لَيْسَتْ فِيهَا قِرَاءَةٌ مَسْمُوعَةٌ، وَفِي عَرَفَةَ خِلَافُ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا رَوَيْنَاهُ.الشرح:فصلٌ فِي الْقِرَاءَةِ قَوْلُهُ: وَيَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي الْفَجْرِ، وَالرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ الْمَغْرِبِ، وَالْعِشَاءِ إنْ كَانَ إمَامًا، وَيُخْفِي فِي الْأُخْرَيَيْنِ،هَذَا هُوَ الْمُتَوَارَثُ قُلْت: فِيهِ حَدِيثَانِ مُرْسَلَانِ، أَخْرَجَهُمَا، أَبُو دَاوُد فِي مَرَاسِيلِهِ: أَحَدُهُمَا: عَنْ الْحَسَنِ، وَالْآخَرُ: عَنْ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: «سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُجْهَرَ بِالْقِرَاءَةِ فِي الْفَجْرِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ كِلَيْهِمَا، وَيَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، وَسُورَةٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، سِرًّا فِي نَفْسِهِ، وَيَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، سِرًّا فِي نَفْسِهِ، وَيَفْعَلُ فِي الْعَصْرِ مِثْلَ مَا يَفْعَلُ فِي الظُّهْرِ، وَيَجْهَرُ الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ مِنْ الْمَغْرِبِ، وَيَقْرَأُ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ، وَيَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ مِنْ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، سِرًّا فِي نَفْسِهِ، ثُمَّ يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ، وَيَقْرَأُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ فِي نَفْسِهِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، وَيُنْصِتُ مَنْ وَرَاءَ الْإِمَامِ، وَيَسْتَمِعُ لِمَا جَهَرَ بِهِ الْإِمَامُ، لَا يَقْرَأُ مَعَهُ أَحَدٌ، وَالتَّشَهُّدُ فِي الصَّلَوَاتِ حِينَ يَجْلِسُ الْإِمَامُ، وَالنَّاسُ خَلْفَهُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ».انْتَهَى.وَمُرْسَلُ الْحَسَنِ نَحْوُهُ، وَذَكَرَهُمَا عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ مِنْ جِهَةِ أَبِي دَاوُد، وَقَالَ: إنَّ مُرْسَلَ الْحَسَنِ أَصَحُّ، وَتَقَدَّمَ فِي مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ فِي إمَامَةِ جِبْرِيلَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ: «أَنَّهُ أَسَرَّ فِي الظُّهْرِ، وَالْعَصْرِ، وَالثَّالِثَةِ مِنْ الْمَغْرِبِ، وَالْأُخْرَيَيْنِ مِنْ الْعِشَاءِ»، وَيَنْبَغِي أَنْ يُكْتَبَ هُنَا الْحَدِيثُ الثَّالِثُ وَالْخَمْسُونَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلَاةُ النَّهَارِعَجْمَاءُ».قُلْت: غَرِيبٌ، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ مِنْ قَوْلِ مُجَاهِدٍ.وَأَبِي عُبَيْدَةَ، فَقَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، قَالَ: سَمِعْت أَبَا عُبَيْدَةَ، يَقُولُ: «صَلَاةُ النَّهَارِ عَجْمَاءُ»، انْتَهَى.أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ مُجَاهِدٌ: «صَلَاةُ النَّهَارِ عَجْمَاءُ» انْتَهَى.وقَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ: حَدِيثُ: «صَلَاةُ النَّهَارِ عَجْمَاءُ» بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ، انْتَهَى.أَحَادِيثُ الْبَابِ:أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَخْبَرَةَ، قَالَ: «قُلْنَا لِخَبَّابٍ: هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ،وَالْعَصْرِ؟، قَالَ: نَعَمْ، قُلْنَا: بِمَ كُنْتُمْ تَعْرِفُونَ ذَلِكَ؟ قَالَ: بِاضْطِرَابِ لِحْيَتِهِ» انْتَهَى.حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: «حَزَرْنَا قِيَامَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الظُّهْرِ، وَالْعَصْرِ، فَحَزَرْنَا قِيَامَهُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ، وَحَزَرْنَا قِيَامَهُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ مِنْ الْعَصْرِ، عَلَى النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ» انْتَهَى.وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: «اجْتَمَعَ ثَلَاثُونَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: تَعَالَوْا حَتَّى نَقِيسَ قِرَاءَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا لَمْ يَجْهَرْ فِيهِ مِنْ الصَّلَاةِ، فَمَا اخْتَلَفَ مِنْهُمْ رَجُلَانِ، فَقَاسُوا قِرَاءَتَهُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ الظُّهْرِ، بِقَدْرِ ثَلَاثِينَ آيَةً، وَفِي الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى، قَدْرَ النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ، قَاسُوا ذَلِكَ فِي الْعَصْرِ عَلَى قَدْرِ النِّصْفِ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ»، انْتَهَى.(وَيَجْهَرُ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ) لِوُرُودِ النَّقْلِ الْمُسْتَفِيضِ بِالْجَهْرِ، وَفِي التَّطَوُّعِ بِالنَّهَارِ يُخَافِتُ، وَفِي اللَّيْلِ يَتَخَيَّرُ، اعْتِبَارًا بِالْفَرْدِ فِي حَقِّ الْمُنْفَرِدِ، وَهَذَا لِأَنَّهُ مُكَمِّلٌ لَهُ فَيَكُونُ تَبَعًا لَهُ.الشرح:قَوْلُهُ: وَيَجْهَرُ فِي الْجُمُعَةِ، وَالْعِيدَيْنِ، لِوُرُودِ النَّقْلِ الْمُسْتَفِيضِ بِالْجَهْرِ.قُلْت: اسْتَدَلَّ الْبَيْهَقِيُّ عَلَى الْجَهْرِ فِي الْجُمُعَةِ، وَالْعِيدَيْنِ بِمَا رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ مِنْ حَدِيثِ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ ب {سَبِّحْ اسْمَ رَبِّك الْأَعْلَى} وَ {هَلْ أَتَاك حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}» انْتَهَى.وَاسْتَدَلَّ أَيْضًا بِمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ، قَالَ: «سَأَلْت عُمَرَ، مَا كَانَ يَقْرَأُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَضْحَى، وَالْفِطْرِ؟ فَقَالَ: كَانَ يَقْرَأُ ب {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} و {اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ}»، وَفِي هَذَا الِاسْتِدْلَالِ نَظَرٌ، فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَتَيْنِ يُطَوِّلُ فِي الْأُولَى، وَيُقَصِّرُ فِي الثَّانِيَةِ، يُسْمِعُ الْآيَةَ أَحْيَانًا»، وَفِي النَّسَائِيّ «كُنَّا نُصَلِّي خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ، فَيُسْمَعُ مِنْهُ الْآيَةُ، بَعْدَ الْآيَاتِ مِنْ سُورَةِ لُقْمَانَ وَالذَّارِيَاتِ»، وَفِيهِ أَيْضًا عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ النَّضْرِ، قَالَ: «كُنَّا بِالطَّائِفِ عِنْدَ أَنَسٍ، فَصَلَّى بِهِمْ الظُّهْرَ، فَلَمَّا فَرَغَ، قَالَ: إنِّي صَلَّيْت مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الظُّهْرِ، فَقَرَأَ لَنَا بِهَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ: {سَبِّحْ اسْمَ رَبِّك الْأَعْلَى} وَ {هَلْ أَتَاك حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}»، انْتَهَى.وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: الْجَهْرُ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ مِنْ السُّنَّةِ، وَالْخُرُوجُ فِي الْعِيدَيْنِ إلَى الْجَبَّانَةِ مِنْ السُّنَّةِ. انْتَهَى.والْحَارِثُ رَوَى لَهُ الْأَرْبَعَةُ، كَذَّبَهُ الشَّعْبِيُّ، وَابْنُ الْمَدِينِيِّ، وَضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَقَالَ النَّسَائِيّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَالْحَدِيثُ مَعْلُولٌ بِهِ.(وَمَنْ فَاتَتْهُ الْعِشَاءُ فَصَلَّاهَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إنْ أَمَّ فِيهَا جَهَرَ) كَمَا «فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَضَى الْفَجْرَ غَدَاةَ لَيْلَةِ التَّعْرِيسِ بِجَمَاعَةٍ» (وَإِنْ كَانَ وَحْدَهُ خَافَتْ حَتْمًا، وَلَا يَتَخَيَّرُ، هُوَ الصَّحِيحُ) لِأَنَّ الْجَهْرَ يَخْتَصُّ إمَّا بِالْجَمَاعَةِ حَتْمًا، أَوْ بِالْوَقْتِ فِي حَقِّ الْمُنْفَرِدِ عَلَى وَجْهِ التَّخْيِيرِ وَلَمْ يُوجَدْ أَحَدُهُمَا.الشرح:الْحَدِيثُ الرَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ: رُوِيَ أَنَّ «النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى الْفَجْرَ غَدَاةَ لَيْلَةِ التَّعْرِيسِ بِجَمَاعَةٍ، فَجَهَرَ فِيهَا».قُلْت: رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي كِتَابِهِ الْآثَارِ أَخْبَرَنَا أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ، قَالَ: «عَرَّسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَنْ يَحْرُسُنَا اللَّيْلَةَ؟، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ شَابٌّ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحْرُسُكُمْ، فَحَرَسَهُمْ، حَتَّى إذَا كَانَ مِنْ الصُّبْحِ غَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ فَمَا اسْتَيْقَظُوا إلَّا بِحَرِّ الشَّمْسِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَوَضَّأَ، وَتَوَضَّأَ أَصْحَابُهُ، وَأَمَرَ الْمُؤَذِّنَ فَأَذَّنَ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ، فَصَلَّى الْفَجْرَ بِأَصْحَابِهِ، وَجَهَرَ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ، كَمَا كَانَ يُصَلِّي بِهَا فِي وَقْتِهَا»، انْتَهَى.حَدِيثٌ آخَرُ: وَلَكِنْ فِيهِ احْتِمَالٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ: «خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إنَّكُمْ تَسِيرُونَ عَشِيَّتَكُمْ وَلَيْلَتَكُمْ، وَتَأْتُونَ الْمَاءَ إنْ شَاءَ اللَّهُ غَدًا، فَانْطَلَقَ النَّاسُ لَا يَلْوِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، إلَى أَنْ قَالَ: فَمَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الطَّرِيقِ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ، ثُمَّ قَالَ: احْفَظُوا عَلَيْنَا صَلَاتَنَا، فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ اسْتَيْقَظَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالشَّمْسُ فِي ظَهْرِهِ، قَالَ: فَقُمْنَا فَزِعِينَ، ثُمَّ قَالَ: ارْكَبُوا، وَسِرْنَا، حَتَّى إذَا ارْتَفَعَتْ الشَّمْسُ نَزَلَ، ثُمَّ دَعَا بِمِيضَأَةٍ كَانَتْ مَعِي فِيهَا شَيْءٌ مِنْ مَاءٍ، ثُمَّ قَالَ لِأَبِي قَتَادَةَ: احْفَظْ عَلَيْنَا مِيضَأَتَك، فَسَيَكُونُ لَهَا نَبَأٌ، ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ بِالصَّلَاةِ، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى الْغَدَاةَ، فَصَنَعَ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ كُلَّ يَوْمٍ»، مُخْتَصَرٌ، قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ صِفَةَ الْفَائِتَةِ تَكُونُ كَصِفَةِ أَدَائِهَا، فَيَقْنُتُ فِيهَا، وَيَجْهَرُ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ، وَقِيلَ: لَا يَجْهَرُ، وَحَمَلَ الصُّنْعَ فِيهِ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْأَرْكَانِ.حَدِيثٌ آخَرُ نَحْوُهُ، رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، قَالَ: «عَرَّسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً بِطَرِيقِ مَكَّةَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ: فِي نَوْمِهِمْ، وَقِيَامِهِمْ، وَصَلَاتِهِمْ، ثُمَّ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَأَيُّهَا النَّاسُ، إنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَنَا، وَلَوْ شَاءَ رَدَّهَا، فَإِذَا رَقَدَ أَحَدُكُمْ عَنْ الصَّلَاةِ أَوْ نَسِيَهَا، ثُمَّ فَرَغَ إلَيْهَا، فَلْيُصَلِّهَا كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا فِي وَقْتِهَا» وَمِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ، وَلَمْ يُعِلَّهُ بِغَيْرِ الْإِرْسَالِ، فَيُمْكِنُ حَمْلُ هَذَا أَيْضًا عَلَى الْجَهْرِ، وَيُمْكِنُ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْأَرْكَانِ.(وَمَنْ قَرَأَ فِي الْعِشَاءِ فِي الْأُولَيَيْنِ السُّورَةَ وَلَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَلَمْ يَعُدْ فِي الْأُخْرَيَيْنِ، وَإِنْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا قَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ الْفَاتِحَةَ وَالسُّورَةَ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ: لَا يَقْضِي وَاحِدَةً مِنْهُمَا، لِأَنَّ الْوَاجِبَ إذَا فَاتَ عَنْ وَقْتِهِ لَا يُقْضَى إلَّا بِدَلِيلٍ، وَلَهُمَا وَهُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْوَجْهَيْنِ: أَنَّ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ شُرِعَتْ عَلَى وَجْهٍ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا السُّورَةُ، فَلَوْ قَضَاهَا فِي الْأُخْرَيَيْنِ تَتَرَتَّبُ الْفَاتِحَةُ عَلَى السُّورَةِ، وَهَذَا خِلَافُ الْمَوْضُوعِ، بِخِلَافِ مَا إذَا تَرَكَ السُّورَةَ، لِأَنَّهُ أَمْكَنَ قَضَاؤُهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ، ثُمَّ ذَكَرَ هَاهُنَا مَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ، وَفِي الْأَصْلِ بِلَفْظَةِ الِاسْتِحْبَابِ.لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ مُؤَخَّرَةً فَغَيْرُ مُوَصَّلَةٍ بِالْفَاتِحَةِ فَلَمْ يُمْكِنْ مُرَاعَاةُ مَوْضُوعِهَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ (وَيَجْهَرُ بِهِمَا) هُوَ الصَّحِيحُ، لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْمُخَافَتَةِ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ شَنِيعٌ، وَتَغْيِيرَ النَّفْلِ وَهُوَ الْفَاتِحَةُ أَوْلَى، ثُمَّ الْمُخَافَتَةُ.أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ، وَالْجَهْرُ: أَنْ يُسْمِعَ غَيْرَهُ، وَهَذَا عِنْدَ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ، لِأَنَّ مُجَرَّدَ حَرَكَةِ اللِّسَانِ لَا يُسَمَّى قِرَاءَةً بِدُونِ الصَّوْتِ، وَقَالَ الْكَرْخِيُّ: أَدْنَى الْجَهْرِ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ، وَأَدْنَى الْمُخَافَتَةِ تَصْحِيحُ الْحُرُوفِ، لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ فِعْلُ اللِّسَانِ دُونَ الصِّمَاخِ، وَفِي لَفْظِ الْكِتَابِ إشَارَةٌ إلَى هَذَا، وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ كُلُّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالنُّطْقِ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالِاسْتِثْنَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.(وَأَدْنَى مَا يُجْزِئُ مِنْ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ آيَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَقَالَا: ثَلَاثُ آيَاتٍ قِصَارٌ أَوْ آيَةٌ طَوِيلَةٌ) لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى قَارِئًا بِدُونِهِ، فَأَشْبَهَ قِرَاءَةَ مَا دُونَ الْآيَةِ، وَلَهُ قَوْله تَعَالَى {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ} مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ، إلَّا أَنَّ مَا دُونَ الْآيَةِ خَارِجٌ، وَالْآيَةُ لَيْسَتْ فِي مَعْنَاهُ.(وَفِي السَّفَرِ يَقْرَأُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَأَيَّ سُورَةٍ شَاءَ) لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «قَرَأَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ فِي سَفَرٍ بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ» وَلِأَنَّ السَّفَرَ أَثَّرَ فِي إسْقَاطِ شَطْرِ الصَّلَاةِ، فَلَأَنْ يُؤَثِّرَ فِي تَخْفِيفِ الْقِرَاءَةِ أَوْلَى، وَهَذَا إذَا كَانَ عَلَى عَجَلَةٍ مِنْ السَّيْرِ، وَإِنْ كَانَ فِي أَمَنَةٍ وَقَرَارٍ يَقْرَأُ فِي الْفَجْرِ نَحْوَ سُورَةِ الْبُرُوجِ وَانْشَقَّتْ، لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ مُرَاعَاةُ السُّنَّةِ مَعَ التَّخْفِيفِ.الشرح:الْحَدِيثُ الْخَامِسُ وَالْخَمْسُونَ: رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ فِي سَفَرِهِ بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ».قُلْت: رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ، وَالنَّسَائِيُّ فِي الِاسْتِعَاذَةِ مِنْ حَدِيثِ الْقَاسِمِ مَوْلَى مُعَاوِيَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: «كُنْت أَقُودُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاقَتَهُ فِي السَّفَرِ، فَقَالَ لِي: يَا عُقْبَةُ أَلَا أُعَلِّمُك خَيْرَ سُورَتَيْنِ قُرِئَتَا؟ فَعَلَّمَنِي: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} قَالَ: فَلَمْ يَرَنِي سُرِرْت بِهِمَا جِدًّا، فَلَمَّا نَزَلَ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ صَلَّى بِهِمَا الصُّبْحَ لِلنَّاسِ، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الصَّلَاةِ الْتَفَتَ إلَيَّ، فَقَالَ: يَا عُقْبَةُ كَيْفَ رَأَيْت؟» انْتَهَى.وَالْقَاسِمُ هَذَا، هُوَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيُّ الْأُمَوِيُّ، مَوْلَاهُمْ الشَّامِيُّ، وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ.وَغَيْرُهُ، وَتَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ، قَالَهُ الْمُنْذِرِيُّ، وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فِي النَّوْعِ الرَّابِعِ وَالثَّلَاثِينَ، مِنْ الْقِسْمِ الْخَامِسِ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ ابْنِهِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّهُمْ بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ» انْتَهَى.وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ كَذَلِكَ، وَلَفْظُهُ: «سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمُعَوِّذَتَيْنِ، أَمِنَ الْقُرْآنِ هُمَا؟، فَأَمَّنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ بِهِمَا».انْتَهَى.وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ، أَخْرَجَهُ فِي الصَّلَاةِ وَفِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ بِسَنَدِ السُّنَنِ وَمَتْنِهِ، وَسَكَتَ عَنْهُ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ.(وَيَقْرَأُ فِي الْحَضَرِ فِي الْفَجْرِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ) (بِأَرْبَعِينَ آيَةً أَوْ خَمْسِينَ آيَةً سِوَى فَاتِحَةِ الْكِتَابِ).وَيُرْوَى مِنْ أَرْبَعِينَ إلَى سِتِّينَ، وَمِنْ سِتِّينَ إلَى مِائَةٍ، وَبِكُلِّ ذَلِكَ وَرَدَ الْأَثَرُ، وَوَجْهُ التَّوْفِيقِ أَنَّهُ يَقْرَأُ بِالرَّاغِبِينَ مِائَةً، وَبِالْكُسَالَى أَرْبَعِينَ، وَبِالْأَوْسَاطِ مَا بَيْنَ خَمْسِينَ إلَى سِتِّينَ، وَقِيلَ: يَنْظُرُ إلَى طُولِ اللَّيَالِي وَقِصَرِهَا، وَإِلَى كَثْرَةِ الْأَشْغَالِ وَقِلَّتِهَا.قَالَ: (وَفِي الظُّهْرِ مِثْلُ ذَلِكَ) لِاسْتِوَائِهِمَا فِي سَعَةِ الْوَقْتِ، وَقَالَ فِي الْأَصْلِ أَوْ دُونِهِ، لِأَنَّهُ وَقْتُ الِاشْتِغَالِ فَيَنْقُصُ عَنْهُ تَحَرُّزًا عَنْ الْمَلَالِ.(وَالْعَصْرُ وَالْعِشَاءُ سَوَاءٌ يَقْرَأُ فِيهِمَا بِأَوْسَاطِ الْمُفَصَّلِ، وَفِي الْمَغْرِبِ دُونَ ذَلِكَ يَقْرَأُ فِيهَا بِقِصَارِ الْمُفَصَّلِ) وَالْأَصْلُ فِيهِ كِتَابُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنْ اقْرَأْ فِي الْفَجْرِ وَالظُّهْرِ بِطِوَالِ الْمُفَصَّلِ، وَفِي الْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ بِأَوْسَاطِ الْمُفَصَّلِ،وَفِي الْمَغْرِبِ بِقِصَارِ الْمُفَصَّلِ، وَلِأَنَّ مَبْنَى الْمَغْرِبِ عَلَى الْعَجَلَةِ، وَالتَّخْفِيفُ أَلْيَقُ بِهَا، وَالْعَصْرُ وَالْعِشَاءُ يُسْتَحَبُّ فِيهِمَا التَّأْخِيرُ وَقَدْ يَقَعَانِ بِالتَّطْوِيلِ فِي وَقْتٍ غَيْرِ مُسْتَحَبٍّ، فَيُوَقَّتُ فِيهِمَا بِالْأَوْسَاطِ.الشرح:قَوْلُهُ: وَيَقْرَأُ فِي الْحَضَرِ فِي الْفَجْرِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بِأَرْبَعِينَ آيَةً أَوْ خَمْسِينَ، سِوَى فَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَيُرْوَى مِنْ أَرْبَعِينَ، إلَى سِتِّينَ، وَمِنْ سِتِّينَ إلَى مِائَةٍ، وَبِكُلِّ ذَلِكَ وَرَدَ الْأَثَرُ.قُلْت: رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْفَجْرِ بـ: (ق) وَنَحْوِهَا» وَأَخْرَجَا عَنْ أَبِي بَرْزَةَ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْفَجْرِ مَا بَيْنَ السِّتِّينَ، إلَى الْمِائَةِ آيَةٍ»، وَفِي لَفْظِ ابْنِ حِبَّانَ: «كَانَ يَقْرَأُ بِالسِّتِّينَ، إلَى الْمِائَةِ»، وَأَخْرَجَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «إنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَؤُمَّنَا فِي الْفَجْرِ بِالصَّافَّاتِ» انْتَهَى.وَأَخْرَجَ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ بِالْوَاقِعَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ السُّوَرِ»، ذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ فِي النَّوْعِ الرَّابِعِ وَالثَّلَاثِينَ، مِنْ الْقِسْمِ الْخَامِسِ.قَوْلُهُ: رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَتَبَ إلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنْ اقْرَأْ فِي الْفَجْرِ وَالظُّهْرِ: بِطِوَالِ الْمُفَصَّلِ، وَفِي الْعَصْرِ، وَالْعِشَاءِ: بِأَوْسَاطِ الْمُفَصَّلِ، وَفِي الْمَغْرِبِ: بِقِصَارِ الْمُفَصَّلِ.قُلْت: غَرِيبٌ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ بْنِ جُدْعَانَ عَنْ الْحَسَنِ، وَغَيْرِهِ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ إلَى أَبِي مُوسَى: أَنْ اقْرَأْ فِي الْمَغْرِبِ: بِقِصَارِ الْمُفَصَّلِ، وَفِي الْعِشَاءِ: بِوَسَطِ الْمُفَصَّلِ، وَفِي الصُّبْحِ: بِطِوَالِ الْمُفَصَّلِ، انْتَهَى.وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَبِي أَوْفَى، قَالَ: أَقْرَأَنِي أَبُو مُوسَى كِتَابَ عُمَرَ: أَنْ اقْرَأْ بِالنَّاسِ فِي الْمَغْرِبِ: بِآخِرِ الْمُفَصَّلِ. انْتَهَى.وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَتَبَ إلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ: أَنْ اقْرَأْ فِي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ: بِسُورَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ مِنْ الْمُفَصَّلِ، مُخْتَصَرٌ.وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي كِتَابِهِ فِي بَابِ الْقِرَاءَةِ فِي الصُّبْحِ: وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَتَبَ إلَى أَبِي مُوسَى: أَنْ اقْرَأْ فِي الصُّبْحِ: بِطِوَالِ الْمُفَصَّلِ، ثُمَّ قَالَ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ: وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَتَبَ إلَى أَبِي مُوسَى: أَنْ اقْرَأْ فِي الظُّهْرِ بِأَوْسَاطِ الْمُفَصَّلِ، ثُمَّ قَالَ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ: وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَتَبَ إلَى أَبِي مُوسَى: أَنْ اقْرَأْ فِي الْمَغْرِبِ: بِقِصَارِ الْمُفَصَّلِ. انتهى.وَفِي الْبَابِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ، رَوَاهُ النَّسَائِيّ.وَابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِمَا مِنْ حَدِيثِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ بُكَيْر بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «مَا صَلَّيْت وَرَاءَ أَحَدٍ أَشْبَهَ صَلَاةً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فُلَانٍ، قَالَ سُلَيْمَانُ: كَانَ يُطِيلُ الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ، وَيُخَفِّفُ الْأُخْرَيَيْنِ، وَيُخَفِّفُ الْعَصْرَ، وَكَانَ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ: بِقِصَارِ الْمُفَصَّلِ، وَفِي الْعِشَاءِ: بِوَسَطِ الْمُفَصَّلِ، وَفِي الْغَدَاةِ: بِطِوَالِ الْمُفَصَّلِ»، انْتَهَى.وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فِي النَّوْعِ الرَّابِعِ وَالثَّلَاثِينَ، مِنْ الْقِسْمِ الْخَامِسِ، عَنْ ابْنِ خُزَيْمَةَ بِسَنَدِهِ وَمَتْنِهِ، وَرَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ عَنْ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ شَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «مَا رَأَيْت أَحَدًا أَشْبَهَ صَلَاةً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ هَذَا الْفَتَى يَعْنِي عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ الضَّحَّاكُ: وَكُنْت أُصَلِّي خَلْفَهُ، فَكَانَ يُطِيلُ الْأُولَيَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ»، إلَى آخِرِهِ.(وَيُطِيلُ الرَّكْعَةَ الْأُولَى مِنْ الْفَجْرِ عَلَى الثَّانِيَةِ) إعَانَةً لِلنَّاسِ عَلَى إدْرَاكِ الْجَمَاعَةِ قَالَ (وَرَكْعَتَا الظُّهْرِ سَوَاءٌ) وَهَذَا عِنْد أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُطِيلَ الرَّكْعَةَ الْأُولَى عَلَى غَيْرِهَا فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا، لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «كَانَ يُطِيلُ الرَّكْعَةَ الْأُولَى عَلَى غَيْرِهَا فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا» وَلَهُمَا أَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ اسْتَوَيَا فِي اسْتِحْقَاقِ الْقِرَاءَةِ فَيَسْتَوِيَانِ فِي الْمِقْدَارِ، بِخِلَافِ الْفَجْرِ لِأَنَّهُ وَقْتُ نَوْمٍ وَغَفْلَةٍ، وَالْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِطَالَةِ مِنْ حَيْثُ الثَّنَاءُ وَالتَّعَوُّذُ وَالتَّسْمِيَةُ، وَلَا مُعْتَبَرَ بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ بِمَا دُونَ ثَلَاثِ آيَاتٍ، لِعَدَمِ إمْكَانِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ حَرَجٍ.(وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ قِرَاءَةُ سُورَةٍ بِعَيْنِهَا) بِحَيْثُ لَا تَجُوزُ بِغَيْرِهَا، لِإِطْلَاقِ مَا تَلَوْنَا.الشرح:الْحَدِيثُ السَّادِسُ وَالْخَمْسُونَ: رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُطِيلُ الرَّكْعَةَ الْأُولَى عَلَى غَيْرِهَا فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا».قُلْت: رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيحَيْهِمَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَسُورَتَيْنِ، وَفِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَيُطَوِّلُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مَا لَا يُطَوِّلُ فِي الثَّانِيَةِ، وَهَكَذَا فِي الْعَصْرِ وَهَكَذَا فِي الصُّبْحِ»، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ، وَلَمْ يَقُلْ فِيهِ: «فِي الظُّهْرِ».حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: «كُنَّا نَحْزِرُ قِيَامَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، فَحَزَرْنَا قِيَامَهُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ قَدْرَ {الم تَنْزِيلُ} السَّجْدَةُ، وَحَزَرْنَا قِيَامَهُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ قَدْرَ النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ، وَحَزَرْنَا قِيَامَهُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ الْعَصْرِ عَلَى قَدْرِ قِيَامِهِ فِي الْأُخْرَيَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ، وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ مِنْ الْعَصْرِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ».وَفِي رِوَايَةٍ: «بَدَلَ تَنْزِيلُ السَّجْدَةُ قَدْرَ ثَلَاثِينَ آيَةً، وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ قَدْرَ خَمْسَ عَشْرَةَ آيَةً، وَالْعَصْرُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، وَفِي كُلِّ رَكْعَةٍ قَدْرَ خَمْسَ عَشْرَةَ آيَةً، وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ قَدْرَ نِصْفِ ذَلِكَ» انْتَهَى.(وَيُكْرَهُ أَنْ يُوَقِّتَ بِشَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ لِشَيْءٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ) لِمَا فِيهِ مِنْ هَجَرَ الْبَاقِي وَإِيهَامِ التَّفْضِيلِ.الشرح:قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ أَنْ يُوَقِّتَ بِشَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ فِي شَيْءٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ، لِمَا فِيهِ مِنْ هَجْرِ الْبَاقِي، وَإِيهَامِ التَّفْضِيلِ.قُلْت: وَلِلْخُصُومِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ السُّنَّةَ فِي فَجْرِ الْجُمُعَةِ أَنْ يَقْرَأَ ب (تَنْزِيلُ السَّجْدَةُ) وَ {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ} حَدِيثٌ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْجُمُعَةِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ {الم تَنْزِيلُ} السَّجْدَةُ وَ {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ}»، انْتَهَى.وَهَذَا عَلَى طَرِيقِهِ إنْ كَانَ يَقْتَضِي الدَّوَامَ، وَلَكِنْ وَقَعَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ أَنَّهُ كَانَ يُدِيمُ ذَلِكَ، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الصَّغِيرِ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرِ بْنِ يُوسُفَ الْأُمَوِيُّ الدِّمَشْقِيُّ ثَنَا دُحَيْمٌ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إبْرَاهِيمَ ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنِي ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ الْمُلَائِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ {الم تَنْزِيلُ} السَّجْدَةُ وَ {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ} يُدِيمُ ذَلِكَ»، انْتَهَى.(وَلَا يَقْرَأُ الْمُؤْتَمُّ خَلْفَ الْإِمَامِ) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْفَاتِحَةِ، لَهُ أَنَّ الْقِرَاءَةَ رُكْنٌ مِنْ الْأَرْكَانِ فَيَشْتَرِكَانِ فِيهِ وَلَنَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «مَنْ كَانَ لَهُ إمَامٌ فَقِرَاءَةُ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ» وَعَلَيْهِ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَهُوَ رُكْنٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا، لَكِنَّ حَظَّ الْمُقْتَدِي الْإِنْصَاتُ وَالِاسْتِمَاعُ.الشرح:الْحَدِيثُ السَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَ لَهُ إمَامٌ، فَقِرَاءَةُ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ».قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَمِنْ حَدِيثِ الْخُدْرِيِّ، وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ.فَحَدِيثُ جَابِرٍ، أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَ لَهُ إمَامٌ، فَإِنَّ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ» انْتَهَى.وَجَابِرٌ الْجُعْفِيُّ مَجْرُوحٌ، رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَالَ: مَا رَأَيْت أَكْذَبَ مِنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، وَلَكِنْ لَهُ طُرُقٌ أُخْرَى، وَهِيَ وَإِنْ كَانَتْ مَدْخُولَةً، وَلَكِنْ يَشُدُّ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَمِنْهَا مَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي مُوَطَّئِهِ، أَخْبَرْنَا الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ ثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ أَبِي عَائِشَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ صَلَّى خَلْفَ الْإِمَامِ، فَإِنَّ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ» انْتَهَى.وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ وَأَخْرَجَهُ هُوَ، ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مَقْرُونًا بِالْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ، وَعَنْ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ، وَحْدَهُ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ.قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَهَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يُسْنِدْهُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ غَيْرُ أَبِي حَنِيفَةَ،وَالْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ، وَهُمَا ضَعِيفَانِ، وَقَدْ رَوَاهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَبُو الْأَحْوَصِ، وَشُعْبَةُ، وَإِسْرَائِيلُ، وَشَرِيكٌ، وَأَبُو خَالِدٍ الدَّالَانِيُّ، وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، وَغَيْرُهُمْ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا، وَهُوَ الصَّوَابُ، انْتَهَى.وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ: وَقَدْ رَوَى السُّفْيَانَانِ هَذَا الْحَدِيثَ، وَأَبُو عَوَانَةَ، وَشُعْبَةَ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْحُفَّاظِ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، فَلَمْ يُسْنِدُوهُ عَنْ جَابِرٍ، وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ أَيْضًا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مُرْسَلًا وَقَدْ رَوَاهُ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ، وَلَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا، وَلَمْ يُتَابِعْهُمَا عَلَيْهِ إلَّا مَنْ هُوَ أَضْعَفُ مِنْهُمَا، ثُمَّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قَالَ: سَمِعْت سَلَمَةَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهَ، يَقُولُ: سَأَلْت أَبَا مُوسَى الرَّازِيَّ الْحَافِظَ عَنْ حَدِيثِ: «مَنْ كَانَ لَهُ إمَامٌ، فَقِرَاءَةُ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ» فَقَالَ: لَمْ يَصِحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ شَيْءٌ، إنَّمَا اعْتَمَدَ مَشَايِخُنَا فِيهِ عَلَى الرِّوَايَاتِ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَغَيْرِهِمَا مِنْ الصَّحَابَةِ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ: أَعْجَبَنِي هَذَا لَمَّا سَمِعْته، فَإِنَّ أَبَا مُوسَى أَحْفَظُ مَنْ رَأَيْنَا مِنْ أَصْحَابِ الرَّأْيِ عَلَى أَدِيمِ الْأَرْضِ، انْتَهَى.وَأَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ، وَالدَّارَقُطْنِيّ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ وَجَابِرٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ، قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: وَهَذَا مَعْرُوفٌ بِجَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، وَلَكِنَّ الْحَسَنَ بْنَ صَالِحٍ قَرَنَهُ بِاللَّيْثِ، وَاللَّيْثُ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَعِينٍ، وَالسَّعْدِيُّ، وَلَكِنَّهُ مَعَ ضَعْفِهِ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، فَإِنَّ الثِّقَاتِ رَوَوْا عَنْهُ، كَشُعْبَةَ، وَالثَّوْرِيِّ، وَغَيْرِهِمَا، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ أَيْضًا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي تَرْجَمَتِهِ بِسَنَدِهِ الْمُتَقَدِّمِ، وَذَكَرَ فِيهِ قِصَّةً، وَلَفْظُهُ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى، وَرَجُلٌ خَلْفَهُ يَقْرَأُ، فَجَعَلَ رَجُلٌ مِنْ الصَّحَابَةِ يَنْهَاهُ عَنْ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ لَهُ: أَتَنْهَانِي عَنْ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ نَبِيِّ اللَّهِ؟، فَتَنَازَعَا إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَنْ صَلَّى خَلْفَ إمَامٍ فَإِنَّ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ»،انْتَهَى.قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: وَهَذَا الْحَدِيثُ زَادَ فِيهِ أَبُو حَنِيفَةَ: جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، وَقَدْ رَوَاهُ جَرِيرٌ، وَالسُّفْيَانَانِ، وَأَبُو الْأَحْوَصِ، وَشُعْبَةُ، وَزَائِدَةُ وَزُهَيْرٌ، وَأَبُو عَوَانَةَ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَقَيْسٌ، وَشَرِيكٌ، وَغَيْرُهُمْ، فَأَرْسَلُوهُ، وَرَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ، كَمَا رَوَاهُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَهُوَ أَضْعَفُ.طَرِيقٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ.وَالطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْأَوْسَطِ عَنْ سَهْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ التِّرْمِذِيِّ ثَنَا إسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَ لَهُ إمَامٌ، فَقِرَاءَةُ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ»، انْتَهَى.قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: هَذَا حَدِيث مُنْكَرٌ، وَسَهْلُ بْنِ الْعَبَّاسِ مَتْرُوكٌ، لَيْسَ بِثِقَةٍ، وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ: لَمْ يَرْفَعْهُ أَحَدٌ عَنْ ابْنِ عُلَيَّةَ إلَّا سَهْلَ بْنَ الْعَبَّاسِ، وَرَوَاهُ غَيْرُهُ مَوْقُوفًا. انتهى.طَرِيقٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي غَرَائِبِ مَالِكٍ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ، سَوَاءٌ.قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: هَذَا بَاطِلٌ لَا يَصِحُّ عَنْ مَالِكٍ، وَلَا عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، وَفِيهِ ابْنُ عِصَامٍ لَا يُعْرَفُ، انْتَهَى.طَرِيقٌ آخَرُ، رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ كَانَ لَهُ إمَامٌ، فَقِرَاءَةُ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ»، وَلَكِنْ فِي إسْنَادِهِ ضَعْفٌ، وَرَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرٍ مِنْ كَلَامِهِ، ذَكَرَهُ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ.وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ، فَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ كَانَ لَهُ إمَامٌ فَقِرَاءَتُهُ لَهُ قِرَاءَةٌ»، انْتَهَى.قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ مَتْرُوكٌ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ عَنْ خَارِجَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا، ثُمَّ قَالَ: رَفْعُهُ وَهْمٌ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ثَنَا إسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ «فِي الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ: يَكْفِيكَ قِرَاءَةُ الْإِمَامِ» انْتَهَى.قَالَ: وَهُوَ الصَّوَابُ، انْتَهَى.قُلْت: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ خَلْفَ الْإِمَامِ، فَحَسْبُهُ قِرَاءَةُ الْإِمَامِ، وَإِذَا صَلَّى وَحْدَهُ، فَلْيَقْرَأْ، قَالَ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لَا يَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ،انْتَهَى.وَأَمَّا حَدِيثُ الْخُدْرِيِّ، فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْأَوْسَطِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَامِرِ بْنِ إبْرَاهِيمَ الْأَصْبَهَانِيُّ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي عَنْ النَّضْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَ لَهُ إمَامٌ فَقِرَاءَةُ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ» انْتَهَى.وَأَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَمْرِو بْنِ نَجِيحٍ أَبِي إِسْحَاقَ الْبَجَلِيِّ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، بِهِ سَنَدًا وَمَتْنًا، قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هَذَا لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ إسْمَاعِيلُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.قُلْت: قَدْ تَابَعَهُ النَّضْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيُّ.وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادٍ الرَّازِيّ ثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ، سَوَاءٌ.قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَا يَصِحُّ هَذَا عَنْ سُهَيْلٍ، تَفَرَّدَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ الرَّازِيّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، انْتَهَى.وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ مِنْ حَدِيثِ عَاصِمِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَدَنِيِّ عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَكْفِيك قِرَاءَةُ الْإِمَامِ، خَافَتَ أَوْ جَهَرَ» انْتَهَى.قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: قَالَ أَبُو مُوسَى: قُلْت لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا، فَقَالَ: حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، ثُمَّ أَعَادَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ قَرِيبٍ مِنْهُ، وَقَالَ: عَاصِمُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَرَفْعُهُ وَهْمٌ، انْتَهَى.وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسَ فَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ عَنْ غُنَيْمِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَ لَهُ إمَامٌ، فَقِرَاءَةُ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ» انْتَهَى.وَأَعَلَّهُ بِغُنَيْمٍ، وَقَالَ: إنَّهُ يُخَالِفُ الثِّقَاتِ فِي الرِّوَايَاتِ، لَا يُعْجِبنِي الرِّوَايَةُ عَنْهُ، فَكَيْفَ الِاحْتِجَاجُ بِهِ؟ رَوَى عَنْهُ الْمَجَاهِيلُ وَالضُّعَفَاءُ، وَلَا يُوجَدُ مِنْ رِوَايَةِ أَحَدٍ مِنْ الْأَثْبَاتِ، انْتَهَى.وَحَمَلَ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الْمَعْرِفَةِ أَحَادِيثَ: «مَنْ كَانَ لَهُ إمَامٌ، فَإِنَّ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ» عَلَى تَرْكِ الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ، وَعَلَى قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ دُونَ السُّورَةِ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِحَدِيثٍ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الْفَجْرَ، ثُمَّ قَالَ: لَعَلَّكُمْ تَقْرَءُونَ خَلْفَ إمَامِكُمْ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: فَلَا تَفْعَلُوا إلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ»،انْتَهَى.قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: رَوَاهُ إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، فَذَكَرَ فِيهِ سَمَاعَ ابْنِ إِسْحَاقَ مِنْ مَكْحُولٍ، فَصَارَ الْحَدِيثُ مَوْصُولًا صَحِيحًا، قَالَ: فَهَذَا الْحَدِيثُ مُبَيِّنٌ لِتِلْكَ الْأَحَادِيثِ، وَدَالٌّ عَلَى السَّبَبِ الَّذِي وَرَدَ عَلَيْهِ حَدِيثُ: «مَنْ كَانَ لَهُ إمَامٌ فَقِرَاءَةُ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ»، وَهُوَ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ، وَقِرَاءَةُ السُّورَةِ مَعَ الْفَاتِحَةِ، انْتَهَى.قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ، أَيْ: عَلَى تَرْكِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ.قُلْت: رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي مُوَطَّئِهِ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ إذَا سُئِلَ، هَلْ يَقْرَأُ أَحَدٌ مَعَ الْإِمَامِ؟ فَقَالَ: إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ مَعَ الْإِمَامِ فَحَسْبُهُ قِرَاءَةُ الْإِمَامِ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ، انْتَهَى.أَثَرٌ آخَرُ، رَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْآثَارِ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرِو عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَجَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالُوا: لَا يَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي شَيْءٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ، انْتَهَى.أَثَرٌ آخَرُ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ أَيْضًا فِي مُوَطَّئِهِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ عَنْ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ قَالَ: أَنْصِتْ فَإِنَّ فِي الصَّلَاةِ شُغْلًا، وَيَكْفِيك الْإِمَامُ.أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ الْقُرَشِيُّ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ، لَا فِيمَا يَجْهَرُ، وَلَا فِيمَا يُخَافِتُ فِيهِ، وَإِذَا صَلَّى وَحْدَهُ، قَرَأَ فِي الْأُولَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَسُورَةٍ، وَلَمْ يَقْرَأْ فِي الْأُخْرَيَيْنِ سُورَةً. انتهى.وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ، أَعْنِي الْأَوَّلَ، وَكَذَلِكَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ، وَيُنْظَرَانِ.أَثَرٌ آخَرُ، رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ أَيْضًا عَنْ دَاوُد بْنِ قَيْسٍ الْفَرَّاءِ الْمَدِينِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي بَعْضُ وَلَدِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ سَعْدًا قَالَ: وَدِدْت أَنَّ الَّذِي يَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي فِيهِ جَمْرَةٌ، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ، إلَّا أَنَّهُ قَالَ: فِي فِيهِ حَجَرٌ، وَكَذَلِكَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ.أَثَرٌ آخَرُ: رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنِ الْحَسَنِ أَيْضًا عَنْ دَاوُد بْنِ قَيْسٍ عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: لَيْتَ فِي فَمِ الَّذِي يَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ حَجَرًا، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا عَبْدُ الرَّزَّاقِ.أَثَرٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْآثَارِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، قَالَ: قُلْت لِابْنِ عَبَّاسٍ: أَقْرَأُ وَالْإِمَامُ بَيْنَ يَدَيَّ؟ فَقَالَ: لَا، انْتَهَى.أَثَرٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: لَا يَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ، إنْ جَهَرَ، وَلَا إنْ خَافَتْ. انْتَهَى.وَيُنْظَرُ.أَثَرٌ آخَرُ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفَيْهِمَا مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ خَلْفَ الْإِمَامِ، فَقَدْ أَخْطَأَ الْفِطْرَةَ».وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ مِنْ طُرُقٍ، وَقَالَ: لَا يَصِحُّ إسْنَادُهُ.وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ: هَذَا يَرْوِيهِ الْمُخْتَارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي لَيْلَى الْأَنْصَارِيُّ عَنْ عَلِيٍّ، وَهُوَ بَاطِلٌ، وَيَكْفِي فِي بُطْلَانِهِ إجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى خِلَافِهِ، وَأَهْلُ الْكُوفَةِ، إنَّمَا اخْتَارُوا تَرْكَ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ فَقَطْ، لَا أَنَّهُمْ لَمْ يُجِيزُوهُ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى هَذَا رَجُلٌ مَجْهُولٌ،انْتَهَى قَوْلُهُ: لِأَنَّ الِاسْتِمَاعَ فَرْضٌ بِالنَّصِّ.قُلْت: يُرِيدُ بِهِ قَوْله تَعَالَى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا}، وَقَدْ وَرَدَتْ أَخْبَارٌ فِي أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ، أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الصَّلَاةِ، فَسَمِعَ قِرَاءَةَ فَتًى مِنْ الْأَنْصَارِ، فَنَزَلَ {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا}»، وَأَخْرَجَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ قَالَ: أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ فِي الصَّلَاةِ.أَثَرٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} قَالَ: نَزَلَتْ فِي رَفْعِ الْأَصْوَاتِ، وَهُمْ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ. انتهى.قَالَ: وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ ضَعِيفٌ، انْتَهَى.أَثَرٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَسْرُوقِيِّ ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي الْمِقْدَامِ هِشَامِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، قَالَ: سَأَلْت بَعْضَ أَشْيَاخِنَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمَسْرُوقِيُّ: أَحْسَبُهُ قَالَ: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُغَفَّلٍ، قُلْت لَهُ: كُلُّ مَنْ سَمِعَ الْقُرْآنَ وَجَبَ عَلَيْهِ الِاسْتِمَاعُ وَالْإِنْصَاتُ، قَالَ: إنَّمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} فِي الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ، إذَا قَرَأَ الْإِمَامُ فَاسْتَمِعْ لَهُ، وَأَنْصِتْ، انْتَهَى.قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «وَإِذَا قَرَأَ الْإِمَامُ فَأَنْصِتُوا». وَيُسْتَحْسَنُ عَلَى سَبِيلِ الِاحْتِيَاطِ فِيمَا يُرْوَى عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَيُكْرَهُ عِنْدَهُمَا لِمَا فِيهِ مِنْ الْوَعِيدِ (وَيَسْتَمِعُ وَيُنْصِتُ وَإِنْ قَرَأَ الْإِمَامُ آيَةَ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ)، لِأَنَّ الِاسْتِمَاعَ وَالْإِنْصَاتَ فَرْضٌ بِالنَّصِّ، وَالْقِرَاءَةُ وَسُؤَالُ الْجَنَّةِ وَالتَّعَوُّذُ مِنْ النَّارِ كُلُّ ذَلِكَ مُخِلٌّ بِهِ (وَكَذَلِكَ فِي الْخُطْبَةِ، وَكَذَلِكَ إنْ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ) لِفَرْضِيَّةِ الِاسْتِمَاعِ، إلَّا أَنْ يَقْرَأَ الْخَطِيبُ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ} الْآيَةَ، فَيُصَلِّي السَّامِعُ فِي نَفْسِهِ، وَاخْتَلَفُوا فِي النَّائِي عَنْ الْمِنْبَرِ، وَالْأَحْوَطُ هُوَ السُّكُوتُ، إقَامَةً لِفَرْضِ الْإِنْصَاتِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.الشرح:الْحَدِيثُ الثَّامِنُ وَالْخَمْسُونَ: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا». قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى، وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.فَحَدِيثُ أَبُو مُوسَى، رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، فِي بَابِ الْقِرَاءَةِ، وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَالتَّشَهُّدِ.فَقَالَ: وَحَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ الْمِسْمَعِيُّ ثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ ثَنَا أَبِي ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ ثَنَا جَرِيرٌ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ قَتَادَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلُهُ يَعْنِي حَدِيثَ قَتَادَةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيِّ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ حَدِيثَ: «إذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ فَكَبِّرُوا»، وَفِيهِ قِصَّةٌ، قَالَ مُسْلِمٌ: وَفِي حَدِيثُ جَرِيرٍ مِنْ الزِّيَادَةِ: «وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا»، ثُمَّ قَالَ: قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ ـ يَعْنِي صَاحِبَ مُسْلِمٍ ـ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ ابْنُ أُخْتِ أَبِي النَّضْرِ، فِي هَذَا الْحَدِيثِ- أَيْ طَعَنَ فِيهِ-؟ فَقَالَ مُسْلِمٌ: يَزِيدُ أَحْفَظُ مِنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: فَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ يَعْنِي: «وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا»؟ فَقَالَ مُسْلِمٌ: هُوَ عِنْدِي صَحِيحٌ، فَقَالَ: لِمَ لَمْ تَضَعْهُ هَاهُنَا؟ فَقَالَ: لَيْسَ كُلُّ شَيْءٍ عِنْدِي صَحِيحٌ وَضَعْته هَاهُنَا، إنَّمَا وَضَعَتْ هَاهُنَا مَا اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ، انْتَهَى كَلَام مُسْلِمٍ.وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ فِي بَابِ التَّشَهُّدِ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ ثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَبِي غَلَّابٍ عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيِّ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَزَادَ: «وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا»، قَالَ أَبُو دَاوُد: «وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا»، لَيْسَ بِشَيْءٍ. انتهى.وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ بِسَنَدِ أَبِي دَاوُد، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إذَا قَرَأَ الْإِمَامُ فَأَنْصِتُوا، فَإِذَا كَانَ عِنْدَ الْقَعْدَةِ، فَلْيَكُنْ أَوَّلَ ذِكْرِ أَحَدِكُمْ التَّشَهُّدُ» انْتَهَى.وَأَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ كَذَلِكَ، وَقَالَ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ فِيهِ: «وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا»، إلَّا سُلَيْمَانَ التَّيْمِيَّ، إلَّا مَا حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْقَطِيعِيُّ ثَنَا سَالِمُ بْنُ نُوحٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَامِرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ حِطَّانَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ: «وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا» انْتَهَى.وَبِهَذَا السَّنَدِ رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ عَنْ سَالِمِ بْنِ نُوحٍ الْعَطَّارِ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَامِرٍ.وَسَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ بِهِ، وَلَمْ يُعِلَّهُ، وَإِنَّمَا قَالَ: وَهَذَا الْحَدِيثُ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ أَشْهَرُ مِنْ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ، وَابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، انْتَهَى.وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: فَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ.مِنْ حَدِيثِ أَبِي خَالِدٍ الْأَحْمَرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ» انْتَهَى.ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُد فِي بَابِ الْإِمَامِ يُصَلِّي مِنْ قُعُودٍ وَقَالَ: وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ: «وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا»، لَيْسَتْ بِمَحْفُوظَةٍ، وَالْوَهْمُ عِنْدَنَا مِنْ أَبِي خَالِدٍ. انتهى.وَتَعَقَّبَهُ الْمُنْذِرِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ، فَقَالَ وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ أَبَا خَالِدٍ الْأَحْمَرَ هَذَا هُوَ: سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ، وَهُوَ مِنْ الثِّقَاتِ الَّذِينَ احْتَجَّ بِهِمْ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَمَعَ هَذَا فَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ، بَلْ تَابَعَهُ عَلَيْهَا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الْأَنْصَارِيُّ الْأَشْهَلِيُّ الْمَدَنِيُّ نَزِيلُ بَغْدَادَ، وَقَدْ سَمِعَ مِنْ ابْنِ عَجْلَانَ، وَهُوَ ثِقَةٌ، وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُمَا، وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ هَذِهِ الزِّيَادَةَ فِي صَحِيحِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ قَتَادَةَ، وَضَعَّفَهَا أَبُو دَاوُد، وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَالْبَيْهَقِيُّ، وَغَيْرُهُمْ لِتَفَرُّدِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ بِهَا.قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَقَدْ رَوَاهُ أَصْحَابُ قَتَادَةَ الْحُفَّاظُ عَنْهُ: مِنْهُمْ هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ، وَسَعِيدٌ،وَشُعْبَةُ. وَهَمَّامٌ، وَأَبُو عَوَانَةَ، وَأَبَانُ، وَعَدِيُّ بْنُ أَبِي عُمَارَةَ، فَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ: «وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا»، قَالَ: وَإِجْمَاعُهُمْ يَدُلُّ عَلَى وَهْمٍ، انْتَهَى.وَلَمْ يُؤَثِّرْ عِنْدَ مُسْلِمٍ تَفَرُّدُهُ بِهَا لِثِقَتِهِ وَحِفْظِهِ، وَصَحَّحَهَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى، وَأَبِي هُرَيْرَةَ انْتَهَى كَلَامُهُ.وَمُتَابَعَةُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ لِسُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ الَّتِي أَشَارَ إلَيْهَا الْمُنْذِرِيُّ أَخْرَجَهَا النَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الْأَنْصَارِيُّ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا» انْتَهَى.وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ، وَقَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَخْزُومِيُّ، يَقُولُ: مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، هَذَا ثِقَةٌ، انْتَهَى.وَلِسُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ مُتَابِعَانِ آخَرَانِ، غَيْرَ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ، أَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ حَدِيثَهُمَا وَضَعَّفَهُمَا أَحَدُهُمَا: إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ الْغَنَوِيُّ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ بِهِ، وَالْآخَرُ: مُحَمَّدُ بْنُ مُيَسَّرٍ أَبُو سَعْدٍ الصَّاغَانِيُّ ثَنَا ابْنُ عَجْلَانَ بِهِ، قَالَ: وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُيَسَّرٍ ضَعِيفَانِ. انْتَهَى.وقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ بَعْدَ أَنْ رَوَى حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي مُوسَى: وَقَدْ أَجْمَعَ الْحُفَّاظُ عَلَى خَطَإِ هَذِهِ اللَّفْظَةِ فِي الْحَدِيثِ: أَبُو دَاوُد، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَابْنُ مَعِينٍ، وَالْحَاكِمُ، وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَقَالُوا: إنَّهَا لَيْسَتْ بِمَحْفُوظَةٍ، أَوْ يُحْمَلُ الْإِنْصَاتُ فِيهِ عَلَى تَرْكِ الْجَهْرِ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا كَبَّرَ فِي الصَّلَاةِ سَكَتَ هُنَيَّةَ قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ، فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَقُولُ فِي سُكُوتِك بَيْنَ التَّكْبِيرِ، وَالْقِرَاءَةِ؟ فَقَالَ: أَقُولُ اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ» الْحَدِيثَ، انْتَهَى.أَحَادِيثُ الْبَابِ:رَوَى النَّسَائِيَّ فِي سُنَنِهِ أَخْبَرَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ ثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ثَنَا أَبُو الزَّاهِرِيَّةِ حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ مُرَّةَ الْحَضْرَمِيُّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، سَمِعَهُ يَقُولُ: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفِي كُلِّ صَلَاةٍ قِرَاءَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ: وَجَبَتْ هَذِهِ؟ فَالْتَفَتَ إلَيَّ، وَكُنْت أَقْرَبَ الْقَوْمِ مِنْهُ، فَقَالَ: مَا أَرَى الْإِمَامَ إذَا أَمَّ الْقَوْمَ إلَّا قَدْ كَفَاهُمْ» انْتَهَى.قَالَ النَّسَائِيُّ: هَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَأٌ، إنَّمَا هُوَ قَوْلُ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَبَوَّبَ عَلَيْهِ اكْتِفَاءُ الْمَأْمُومِ بِقِرَاءَةِ الْإِمَامِ.حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْآثَارِ مُحْتَجًّا بِهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الرَّقِّيِّ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: أَتَقْرَءُونَ فِي صَلَاتِكُمْ خَلْفَ الْإِمَامِ، وَالْإِمَامُ يَقْرَأُ؟ فَسَكَتُوا، فَقَالَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَقَالُوا: إنَّا لَنَفْعَلُ، قَالَ: لَا تَفْعَلُوا» انْتَهَى.وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَزَادَ: «وَلْيَقْرَأْ أَحَدُكُمْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي نَفْسِهِ»، انْتَهَى.حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، وَرَجُلٌ يَقْرَأُ خَلْفَهُ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: مِنْ ذَا الَّذِي يُخَالِجُنِي سُورَةَ كَذَا؟ فَنَهَاهُمْ عَنْ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ» انْتَهَى.ثُمَّ قَالَ: لَمْ يَقُلْ هَكَذَا غَيْرُ حَجَّاجٍ، وَخَالَفَهُ أَصْحَابُ قَتَادَةَ: مِنْهُمْ شُعْبَةُ، وَسَعِيدٌ، وَغَيْرُهُمَا، فَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ: «فَنَهَاهُمْ عَنْ الْقِرَاءَةِ»، وَحَجَّاجٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ.انْتَهَى.وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ: وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ بِهِ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ الظُّهْرَ، فَقَالَ: أَيُّكُمْ قَرَأَ ب {سَبِّحْ اسْمَ رَبِّك الْأَعْلَى}؟ فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: قَدْ عَرَفْت أَنَّ رَجُلًا خَالَجَنِيهَا، قَالَ شُعْبَةُ: فَقُلْت لِقَتَادَةَ: كَأَنَّهُ كَرِهَهُ؟، فَقَالَ: لَوْ كَرِهَهُ لَنَهَى عَنْهُ».قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: فَفِي سُؤَالِ شُعْبَةَ، وَجَوَابِ قَتَادَةَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ تَكْذِيبُ مَنْ قَلَبَ الْحَدِيثَ، وَزَادَ فِيهِ: «فَنَهَى عَنْ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ»، انْتَهَى.حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَلَّامٍ ثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ثَنَا وَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كُلُّ صَلَاةٍ لَا يُقْرَأُ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ، إلَّا أَنْ يَكُونَ وَرَاءَ الْإِمَامِ» انْتَهَى.قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: يَحْيَى بْنُ سَلَّامٍ ضَعِيفٌ، وَالصَّوَابُ مَوْقُوفٌ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ كَذَلِكَ.حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا عَنْ غَسَّانَ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ أَوْ أَنْصِتُ؟، قَالَ: بَلْ أَنْصِتْ، فَإِنَّهُ يَكْفِيك»، انْتَهَى.ثُمَّ قَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ غَسَّانُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَقَيْسٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَالِمٍ ضَعِيفَانِ، قَالَ: وَالْمُرْسَلُ أَصَحُّ مِنْهُ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا قِرَاءَةَ خَلْفَ الْإِمَامِ»، انْتَهَى.حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْعِلَلِ الْمُتَنَاهِيَةِ مِنْ طَرِيقِ الدَّارَقُطْنِيِّ عَنْ أَبِي حَاتِمِ بْنِ حِبَّانَ حَدَّثَنِي إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ سَلْمَانَ الْبَرْوَدِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيِّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ خَلْفَ الْإِمَامِ، فَلَا صَلَاةَ لَهُ» انْتَهَى.ثُمَّ قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: هَذَا الْحَدِيثُ لَا أَصْلَ لَهُ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سَلْمَانَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُشْتَغَلَ بِحَدِيثِهِ، انْتَهَى.وَلَمْ أَجِدْ هَذَا الْحَدِيثَ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ لِابْنِ حِبَّانَ، وَلَا تَرْجَمَ فِيهِ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ سَلْمَانَ، فَاَللَّهُ أَعْلَمُ.حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ: مَأْمُونُ بْنُ أَحْمَدَ السُّلَمِيُّ مِنْ أَهْلِ هَرَاةَ، كَانَ دَجَّالًا مِنْ الدَّجَاجِلَةِ، رَوَى عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ خَلْفَ الْإِمَامِ مُلِئَ فُوهُ نَارًا»، انْتَهَى.مُلَخَّصُ كَلَامِ الْبُخَارِيِّ فِي الْجُزْءِ الَّذِي وَضَعَهُ فِي الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ، قَالَ: وَاحْتَجَّ هَذَا الْقَائِلُ يَعْنِي أَبَا حَنِيفَةَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: «فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا» ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا مَنْقُوضٌ بِالثَّنَاءِ، مَعَ أَنَّهُ تَطَوُّعٌ، وَالْقِرَاءَةُ فَرْضٌ، فَأَوْجَبَ عَلَيْهِ الْإِنْصَاتَ بِتَرْكِ فَرْضٍ، وَلَمْ يُوجِبْهُ بِتَرْكِ سُنَّةٍ، فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْفَرْضُ عِنْدَهُ أَهْوَنُ حَالًا مِنْ التَّطَوُّعِ، وَاعْتَرَضَهُ أَيْضًا بِفَرْعٍ، وَهُوَ أَنَّ الْمُصَلِّيَ لَوْ جَاءَ وَالْإِمَامُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ الْفَجْرِ، فَإِنَّهُ يُصَلِّي عِنْدَهُ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، وَيَتْرُكُ الِاسْتِمَاعَ، وَالْإِنْصَاتَ، مَعَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: «إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ، فَلَا صَلَاةَ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ».قَالَ: وَيُقَالُ لَهُ: أَرَأَيْت إذَا لَمْ يَجْهَرْ الْإِمَامُ، أَيُقْرَأُ خَلْفَهُ؟ فَإِنْ قَالَ: لَا، فَقَدْ أَبْطَلَ دَعْوَاهُ، لِأَنَّ الِاسْتِمَاعَ إنَّمَا يَكُونُ لِمَا يَجْهَرُ بِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ غَيْرِ سَنَدٍ: «فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا»، قَالَ: فِي الْخُطْبَةِ، ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ أُرِيدَ بِهِ فِي الصَّلَاةِ، فَنَحْنُ نَقُولُ: «إنَّمَا يَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ عِنْدَ سُكُوتِهِ»، وَقَدْ رَوَى سَمُرَةُ قَالَ: «كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَكْتَتَانِ: سَكْتَةٌ حِينَ يُكَبِّرُ، وَسَكْتَةٌ حِينَ يَفْرُغُ مِنْ قِرَاءَتِهِ»، قَالَ: وَكَانَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَغَيْرُهُمْ يَرَوْنَ الْقِرَاءَةَ عِنْدَ سُكُوتِ الْإِمَامِ عَمَلًا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا صَلَاةَ إلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ»، وَالْإِنْصَاتَ إذَا قَرَأَ الْإِمَامُ عَمَلًا بِالْآيَةِ.قَالَ: وَاحْتَجَّ أَيْضًا بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ «مَنْ كَانَ لَهُ إمَامٌ، فَقِرَاءَةُ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ».قَالَ: وَهَذَا حَدِيثٌ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ، وَالْعِرَاقِ، لِإِرْسَالِهِ وَانْقِطَاعِهِ: أَمَّا إرْسَالُهُ، فَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا انْقِطَاعُهُ، فَرَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، وَلَا يُدْرَى أَسَمِعَ جَابِرٌ مِنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، أَمْ لَا، قَالَ: وَلَوْ ثَبَتَ، فَتَكُونُ الْفَاتِحَةُ مُسْتَثْنَاةً مِنْهُ أَيْ مَنْ كَانَ لَهُ إمَامٌ، فَقِرَاءَةُ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ، بَعْدَ الْفَاتِحَةِ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا».وَقَالَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: «إلَّا الْمَقْبَرَةَ»، مَعَ انْقِطَاعِهِ، قَالَ: وَنَظِيرُ هَذَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِسُلَيْكٍ الْغَطَفَانِيِّ، حِينَ جَاءَ، وَهُوَ يَخْطُبُ: «قُمْ، فَارْكَعْ، مَعَ أَنَّهُ أَمَرَ بِالْإِنْصَاتِ لِلْخُطْبَةِ، فَقَالَ: إذَا قُلْت لِصَاحِبِك: أَنْصِتْ، وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَدْ لَغَوْت»، وَلَكِنَّهُ أَخْرَجَ الصَّلَاةَ مِنْ هَذَا الْإِطْلَاقِ، قَالَ: وَاحْتَجَّ أَيْضًا بِخَبَرٍ رُوِيَ عَنْ دَاوُد بْنِ قَيْسٍ عَنْ ابْنِ نِجَادٍ رَجُلٌ مِنْ وَلَدِ سَعْدٍ عَنْ سَعْدٍ، قَالَ: وَدِدْت أَنَّ الَّذِي يَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي فِيهِ جَمْرَةٌ، قَالَ: وَهَذَا مُرْسَلٌ، فَإِنَّ ابْنَ نِجَادٍ لَمْ يُعْرَفْ، وَلَا سُمِّيَ، قَالَ: وَاحْتَجَّ أَيْضًا بِحَدِيثٍ رَوَاهُ أَبُو حُبَابٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كَهَيْلِ عَنْ إبْرَاهِيمَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَدِدْت أَنَّ الَّذِي يَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ مُلِئَ فُوهُ نَتِنًا قَالَ: وَهَذَا مُرْسَلٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَخَالَفَهُ ابْنُ عَوَانٍ عَنْ إبْرَاهِيمِ عَنْ الْأَسْوَدِ، وَقَالَ: رَضْفًا، وَهَذَا كُلُّهُ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ أَهْلِ الْعِلْمِ، لِوَجْهَيْنِ:أَحَدُهُمَا: قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَلَاعَنُوا بِلَعْنَةِ اللَّهِ، وَلَا بِالنَّارِ، وَلَا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللَّهِ»، فَكَيْفَ يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ: فِي (فِي) الَّذِي يَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ جَمْرَةٌ، وَالْجَمْرَةُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ؟.وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَمَنَّى أَنْ تُمْلَأَ أَفْوَاهُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلِ: عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَأُبَيُّ بْنِ كَعْبٍ، وَحُذَيْفَةَ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةَ وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَفِي جَمَاعَةٍ آخَرِينَ مِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُمْ الْقِرَاءَةُ خَلْفَ الْإِمَامِ رَضْفًا، وَلَا نَتِنًا وَلَا تُرَابًا، ثُمَّ رَوَى أَحَادِيثَ هَؤُلَاءِ فِي مَوَاضِعَ مُتَفَرِّقَةٍ مِنْ الْجُزْءِ الْمَذْكُورِ، قَالَ: وَاحْتَجَّ أَيْضًا بِخَبَرٍ رَوَاهُ عُمَرُ بْنُ مُوسَى بْنِ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: مَنْ قَرَأَ خَلْفَ الْإِمَامِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ، قَالَ: وَلَا يُعْرَفُ لِهَذَا الْإِسْنَادِ سَمَاعُ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ، وَلَا يَصِحُّ مِثْلُهُ، قَالَ: وَرَوَى سُلَيْمَانُ التَّيْمِيِّ، وَعُمَرُ بْنِ عَامِرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ حِطَّانَ عَنْ أَبِي مُوسَى فِي حَدِيثِهِ الطَّوِيلِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ: «وَإِذَا قَرَأَ، فَأَنْصِتُوا»، وَلَمْ يَذْكُرْ سُلَيْمَانُ فِي هَذِهِ الزِّيَادَةِ سَمَاعًا مِنْ قَتَادَةَ، وَلَا قَتَادَةَ مِنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ، وَرَوَى هِشَامٌ، وَسَعِيدٌ، وَأَبُو عَوَانَةَ وَهَمَّامٌ، وَأَبَانُ بْنُ يَزِيدَ، وَغَيْرُهُمْ عَنْ قَتَادَةَ، فَلَمْ يَقُولُوا فِيهِ: «وَإِذَا قَرَأَ، فَأَنْصِتُوا»، وَلَوْ صَحَّ لَحُمِلَ عَلَى مَا سِوَى الْفَاتِحَةِ.وَرَوَى أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ»، وَزَادَ فِيهِ: «وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا»، وَلَا يُعْرَفُ هَذَا مِنْ صَحِيحِ حَدِيثِ أَبِي خَالِدٍ الْأَحْمَرِ، قَالَ أَحْمَدُ: أَرَاهُ كَانَ يُدَلِّسُ، وَقَدْ رَوَاهُ اللَّيْثُ، وَبُكَيْر عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ أَبِي زِيَادٍ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَرَوَاهُ اللَّيْثُ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَنْ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَالْقَعْقَاعُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَلَمْ يَقُولُوا فِيهِ: «وَإِذَا قَرَأَ، فَأَنْصِتُوا»، وَرَوَاهُ سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُتَابَعْ أَبُو خَالِدٍ فِي زِيَادَتِهِ، قَالَ وَيُقَالُ لِهَذَا الْقَائِلِ: قَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ، وَأَنْتَ، عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَتَحَمَّلُ عَنْ الْقَوْمِ فَرْضًا، ثُمَّ قُلْت: إنَّ الْإِمَامَ يَتَحَمَّلُ عَنْ الْقَوْمِ هَذَا الْفَرْضُ، مَعَ أَنَّك قُلْت: إنَّهُ لَا يَتَحَمَّلُ عَنْهُمْ شَيْئًا مِنْ السُّنَنِ كَالثَّنَاءِ وَالتَّسْبِيحِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَتُثْبِتُ أَنَّ الْفَرْضَ عِنْدَك أَهْوَنُ حَالًا مِنْ التَّطَوُّعِ، انْتَهَى كَلَامُهُ مُلَخَّصًا مُحَرَّرًا، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.قَوْلُهُ: وَيُسْتَحْسَنُ يَعْنِي الْقِرَاءَةَ خَلْفَ الْإِمَامِ فِيمَا يُرْوَى عَنْ مُحَمَّدٍ عَلَى سَبِيلِ الِاحْتِيَاطِ، وَيُكْرَهُ عِنْدَهُمَا لِمَا فِيهِ مِنْ الْوَعِيدِ.قُلْت: هُوَ مَا رَوَاهُ فِي الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ قَبْلُ، وَرِوَايَةٌ عَنْ سَعْدٍ: وَدِدْت أَنَّ الَّذِي يَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي فِيهِ جَمْرَةٌ، وَعَنْ عُمَرَ: لَيْتَ فِي فَمِ الَّذِي يَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ حَجَرًا.
|